وفي إحدي الليالي الباردة، ذهـب إبراهيم الى الفراش مبكرا كعادته، ورأى في المنام انه ركب جوادا ابيض اللون طار به بين الغيوم حتى تعذرت عليه الرؤيا من الضباب وأصيب بضيق التنس، وبعدهـا إمتدت اليه اليد التي سحبته الى جهـة السحب البيضاء والسماء الصافية.
وفي اليوم التالي إستيقظ من النوم مستبشرا بالخير وصلى الفجر مع الجماعة في المسجد القريب من مسكنه، وعقب الصلاة تقابل مع احد الإخوة الصوماليين، وبعد التعارف والحديث العابر، عرف أنه قدم من إحدي الدول الاسكندنافية في زيارة عمل، ثم تواعدا على ان يتقابلا في المسجد بعد صلاة الجمعة،
وذهـب إبراهيم الى المسجد مبكرا لصلاة الجمعة بعد ان إغتسل وتعطر، وهـو يردد الدعاء: ان يفرج الله هـمه وييسر له امره وان يسخر الله له اهـل الخير، وكان يقولها: لعلهـا تكون ساعة إستجابة.
وتقابل مع الأخ الصومالي مرة اخرى بعد صلاة الجمعة، وتوطدت بينهـما العلاقة، وفي صبيحت احد الأيام وشمس البحر الأبيض المتوسط ساطعة وترسل اشعتهـا الذهـبية التي بددت ظلام الليل وغيوم الشتاء، طلب منه اخوه الصومالي كما كان يسميه ان يذهـب معه الى غرفة الفندق التي كان ينزل بهـا، واخبره بأنه قد احضر له بطاقة الهـوية وتذكرة السفر الى إحدي الدول الاسكندنافية، وكاد إبراهيم ان يغمى عليه من الفرح !
وفي اليوم التالي، إستقلا الطائرة ثم القطار فالحافلة حتى وصلا الى الهدف المنشود، وهـى إحدي المدن الاوروبية الصغيرة القريبة من القطب الشمالي المتجمد، ليستقر به المقام هـناك، ويجيد اللغة المحلية واللغة الإنجليزية كعادته في وقت وجيز ، واصبح معروفا في مدرسته بقدرته الفائقة في الألعاب الرياضية، وأصبح من أفضل اللاعبين الذين تعتمد عليهم المدرسة لتمثيلهـا في المنافسات المحلية.
وفي مساء يوم بارد بينما كان يمارس رياضة الجري في منتزه قريب من مسكنه لمحه احد المدربين المشهـورين وأخذ منه رقم الهـاتف وبقية التفاصيل وطلب منه ان يحضر اليه في النادي، وذهـب اليه إبراهيم بصحبت زميله الصومالي الذي كان يجيد اللغة المحلية لدرجة الإتقان وأصبح فيما بعد مدير مكتبه.
ودارت المفاوضات بينهـم في جو ودي، وقد عرض عليه المدرب ان يضمه الى الفريق القومي الذي سيمثل الدولة في الألعاب الأوروبية والأولمبياد العالمية.
وجاء اليوم المشهـود الذي وقفت فيه الدول على رجليهـا، وقامت الأرض ولم تقعد، وإمتلأت المدرجات بالمشجعين، وإستعدت محطات التلفاز لنقل الحدث الكبير في بث مباشر، إنهـا بطولة العالم لألعاب القوى، وقف إبراهـيم على خط البداية على اهـبت الإستعداد، فتذكر كل المواقف التي مر بهـا، ثم إستهـل بقراءة الفاتحة وإنطلق كالسهـم مع صفارة البداية، وجرى ….جرى …جرى… إنه رقم عالمي جديد! رفع على الأكتاف وطوف به ارض الملعب، وإمتلأت الشوارع بالسيارات التي تحمل الأعلام وصور البطل، وتزينت سماء المدينة بالألعاب النارية….
بينما هـو مرفوعا على الأكتاف لمح البنت السودانية التي انقذهـا من الغرق في النيل والتي لم يجد لهـا اثر في المأساة الثانية تقترب منه من وسط الحشود وتهديه وردة حمراء وتقول له إن إسمهـا زهـرة، وأصر ابراهيم ان تقف معه على منصت إستلام الكأس!
أما الأم فقد إحتفلت بإنتصار إبنهـا بطريقتهـا الخاصة،إذ إستيقظت ذلك اليوم تغمرهـا الفرحة وإحساس غريب بالسعدة ودعت جيرانهـا على قهـوة الصباح ومسحت أنفهـا ببطن يدهـا أمامهـم واخبرتهـم: “بتفائلها بالخير لأن أنفهـا لا يكذب ابدا”.
تمت القصة.
ولكم الحكم والتعليق
أبو عبد الرحمن
احسنت ابو عبدالرحمن جمیله وممتعه المزید ثم المزید والاجمل انها نهیتها, كم من ابرهیم لم یحالفهم الحظ ومواهبهم تدفن او یعد علیهم عمر شبابهم ولا یصلو لمثل هذه الاقف واشكرك