بإعادة شريط الذكريات الباهـت إلى العصر العثماني (التركي) أو المملوكي في بلادنا والتي لا أعرف عنها الكثير إلا بعض المباني القديمة والآثار المنتشرة هـنا وهـناك أو الألقاب التي كان يحملهـا بعض أبائنا وأجدادنا دون أن نعرف سبب إستحقاقهـم لتلك النياشين!
لننتقل منهـا إلى العصر الإستعماري الأوروبي الذي كان جاسمًا على أنفاس شعوب العالم الثالث وكان نصيبنا منه الإستعمار الإيطالي الذي ساق الرجال الى حروب لم يكن لهـم فيهـا ناقة ولا جمل، وكان في إعتقاده أنه سيمكث في ديارنا الى الأبد وبنى من اجل ذلك المدن والطرق والكباري حتى قامت الحروب الأوروبية التي راح ضحيتها ما يقارب من خمسين مليون شخص وإنتهـت بإنتصار الحلفاء على النازيين والفاشيين.
ونحن الآن في نهـاية النصف الأول وبدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي حيث كان الشعب الإرتري في طليعة شعوب العالم الثالث التي ثارت ضد الإستعمار، وطالب بالحرية والإستقلال وكان الزعيم الوطني الشهـيد عبد قادر كبيري وغيره من الأبطال يجسدون تلك المرحلة، وكان في بلادنا في تلك الفترة، برلمان منتخب وصحف حرة وأحزاب متعددة وجمعيات أهـلية كثيرة مما يدل على أننا كنا سبقنا الكثير من دول العالم في إقامة دولة ديمقراطية حديثة.
ومع بدء إثيوبيا ومعهـا الكثير من الدول الكبرى، وعملاء إثيوبيا مثل حزب أندنت، في وضع العراقيل أمام استقلال إريتريا، وادعائهم أن الحل الأمثل لوضع إرتريا هو الإتحاد التام مع إثيوبيا، وقد استغلت إثيوبيا ضعف صياغة قرار الأمم المتحدة، لأنه لن يحدث تكافؤ، الاتحاد يقوم بين الطرفين، أحدهما أقوى وأكبر من الطرف الآخر , وكان على مفوض الأمم المتحدة، إيجاد صورة مناسبة، لدستور إريتريا، الذي يقوم على مبادئ الحكومة الديموقراطية, وكان هذا المبدأ يتنافى مع النظام الملكي الخاص بالنظام الإثيوبي الإقطاعي، نظراً لأن نظام الحكم الإثيوبي لم يكن يعترف بالأحزاب،في حين أن إريتريا في تلك الفترة، كانت تتمتع بوجود أحزاب متعددة ، وكذلك فإن القرار الجائر لم ينص على شكل دستور دولة الاتحاد، ولا على شكل الحكومة فيها.
بإختصار الكل كان ضد إرادة الشعب الإرتري للإستقلال والحرية، لننتقل بعدهـا إلى مرحلة الستينات من القرن الماضي عندما إكتملت أدوات المؤامرة ولم يتبقى أمام الشعب الإرتري إلا النضال، وبدأت الأسود الحقيقية تزأر في السهـول والوديان والجبال ضد نظام “أسد ياهـوذا ” الهـالك، وبعده نظام “الدرق ” الدموي.”
وكانت إنطلاقة الرصاصة الأولى من جبل الأدال إيــذانـــــا ببدأ ثورة الشعب الإرتري بقيادة الشهـيد البطل حامد إدريس عواتي، في اول من سبتمبر 1961م , لتتوالى بعدهـا البطولات من جميع فئات الشعب الإرتري في مشهـد مهـيب للتلاحم الوطني والترابط الإجتماعي مع وجود بقعات سوداء من البعض لا يجب إنكارهـا أو التستر عليهـا ، ومن هـنا تحول مداد القلم إلى قطرات الدم والدموع والتشريد نتيجة الظلم الذي وقع على الشعب الإرتري، ليقف التاريخ إجلالا وإحتراما لهـذا الشعب العظيم، وفي تلك المرحلة الدقيقة تصدى أبطال الرعيل الأول من جبهـة التحرير الإرترية لأقوى جيش في إفريقيا بصدورهـم العارية كان منهـم القائد العظيم الشيخ/ حامد صالح سليمان الذي فقدناه في الأيام القليلة الماضية نسأل الله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته و يسكنه فسيح جناته , وهو من الرعيل الأول الذين أسسوا الثورة الإرترية وكان رحمه الله قائدًا عاما للمنطقة الثالثة لينتقل بعدهـا الى مناصب أخرى في عمل وطني دؤوب لا يعرف الإستسلام كما هـى عادة الجيل الأول المؤسس إلى أن تحقق الإستقلال التام نتيجة جهـود الكل بدون إستثناء إلى أن أعلن إستقلال أريتريا في نيسان من عام 1993، لتبقى ذكراهـم العطرة – جيل البذل والعطاء جيل التضحية والفداء نبراسا تضيئ الطريق للأجيال القادمة.
عمر إدريس ( أبوعبدالرحمن
24/05/2021
Gaab sina noh isho💟💟💟